أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة للدكتور خالد بدير : الأخذ بالأسباب في الهجرة النبوية المشرفة

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الأخذ بالأسباب في الهجرة النبوية المشرفة ، للدكتور خالد بدير، بتاريخ 3 محرم 1445 هـ ، الموافق 21 يوليو 2023م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 21 يوليو 2023م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : الأخذ بالأسباب في الهجرة النبوية المشرفة :

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 21 يوليو 2023م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : الأخذ بالأسباب في الهجرة النبوية المشرفة ، بصيغة word  أضغط هنا.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 21 يوليو 2023م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : الأخذ بالأسباب في الهجرة النبوية المشرفة ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن الدروس الدينية

 

للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 21 يوليو 2023م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان : الأخذ بالأسباب في الهجرة النبوية المشرفة : كما يلي:

 

أولًا: أهميةُ الأخذِ بالأسبابٍ في الحياةِ العمليةِ.

ثانيًا: الهجرةُ النبويةُ والأخذُ بالأسبابِ.

ثالثًا: الأخذُ بالأسبابِ في حياتِنَا المعاصرةِ

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة  21 يوليو 2023م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان : الأخذ بالأسباب في الهجرة النبوية المشرفة : كما يلي:

خطبة بعنوان: الأخذُ بالأسبابِ في الهجرةِ النبويةِ المشرفةٍ

بتاريخ: 3 محرم 1445هـ – 21 يوليو 2023م

المـــوضــــــــــوع

الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له وأنَّ سيِّدَنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ . أمَّا بعدُ:

العنصر الأول من خطبة الجمعة

أولًا: أهميةُ الأخذِ بالأسبابِ في الحياةِ العمليةِ.

إنّ المسلمَ مطالبٌ بتحقيقِ منهجِ الاستخلافِ على هذه الأرضِ، ولكي يحققَ هذا الاستخلافَ لابُدّ أنْ يأخذَ بالأسبابِ الموصلةِ إلى ذلك، قال تعالى: {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ…}[الحج: 15].

والسببُ هو ما يوصلُك إلى الشيءِ، فأنت مطالبٌ ببذلِ الأسبابِ، أمّا النتائجُ فإنّ مردَّها إلى اللهِ تعالى، قال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ…} [الأنفال: 60].

والأخذُ بالأسبابِ مِن شيمِ المرسلين والصالحين، وتركُهُ مِن شيمِ البطالين الذين يريدون أنْ يعيشُوا على الصدقاتِ والهباتِ. فها هو نوحٌ عليه السلامُ أمرَهُ ربُّه تباركَ تعالى بإعدادِ سفينةٍ عملاقةٍ لحملِ الأحياءِ مِن كلِّ زوجينِ اثنينِ ومَن آمنَ مِن البشرِ، ولو شاءَ اللهُ أنْ ينجيَهُ لنجّاهُ ولكنهُ أرشدَهُ إلى الأخذِ بالأسبابِ.

وها هو موسَى عليه السلام أمرَهُ ربُّهُ تبارك وتعالى أنْ يضربَ البحرَ بعصاه، فإذا بالبحرِ فرقتينِ كلّ فرقٍ كالطودِ العظيم، ولو شاءَ اللهُ أنْ يجعلَهُ كذلك مِن غيرِ ضربٍ بالعصَا لفعل، لكنهُ يُعلِّمُ أنبياءَهُ وعبادَهُ الأخذَ بالأسبابِ، وكذا ضربُهَ الحجرَ بالعصَا لينفجرَ منهُ اثنتَا عشرةَ عينًا، كل ُّهذا لتأخذَ الأسبابُ نصيبَهَا مِن حياةِ الإنسانِ!!

فينبغِي على كلِّ مسلمٍ في حياتِه العمليةِ أنْ يأخذَ بجميعِ الأسبابِ الموصلةِ إلى غايتِه وهدفِه مع التوكلِ على اللهِ تعالى، وهذا ما غرسَهُ النبيُّ ﷺ في نفسِ الصحابِي الذي أطلقَ الناقةً متوكلًا على اللهِ، فعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَعْقِلُهَا وَأَتَوَكَّلُ أَوْ أُطْلِقُهَا وَأَتَوَكَّلُ؟ قَالَ:” اعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ” (الترمذي وحسنه).

إنّ كثيرًا مِن الناسِ يقعدونَ في بيوتِهِم وينتظرونَ الرزقَ مع أنّهم لم يأخذُوا بالأسبابِ ولم يسعُوا عليهِ فكيف يأتيهم؟!! لذلك رأى عمرُ -رضي اللهُ عنه- قومًا قابعينَ في رُكنِ المسجدِ بعدَ صلاةِ الجمعةِ، فسألَهُم: مَن أنتُم؟ قالوا: نحن المُتوَكِّلون على اللهِ، فعَلاهّم عمرُ رضي اللهُ عنه بدِرَّتِه ونَهَرَهُم، وقال: لا يَقعُدنَّ أحدُكُم عن طلبِ الرزقِ، ويقولُ: اللهُمّ ارزقنِي، وقد علِمَ أنّ السماءَ لا تُمطِرُ ذهبًا ولا فضّةً، وإنّ اللهَ يقولُ: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ} (الجمعة: 10). لذلك كان عرَاكُ بنُ مالكٍ رضي اللهُ عنه إذا صلَّى الجمعةَ انصرفَ فوقفَ على بابِ المسجدِ، فقالَ: اللهُمّ إنّي أجبتُ دعوتَكَ، وصليتُ فريضتَكَ، وانتشرتُ كما أمرتَنِي، فارزقنِي مِن فضلِك، وأنتَ خيرُ الرازقين. ( تفسير ابن كثير). وروى أنّ عمرَ بنَ الخطابِ، لقي ناسًا مِن أهلِ اليمنِ، فقالَ: مَن أنتم؟ قالوا: نحن المتوكلون. قال: بل أنتم المتكلون، إنّما المتوكلُ الذي يلقِي حبَّهُ في الأرضِ، ويتوكلُ على اللهِ». وكان سفيانُ الثوريّ رحمَهُ اللهُ يمُرُّ ببعضِ الناسِ وهم جلوسٌ بالمسجدِ الحرام، فيقولُ: ما يُجلِسُكُم؟ قالوا: فما نصنَعُ؟! قال: اطلُبُوا مِن فضلِ اللهِ، ولا تكونُوا عيالًا على المسلمين.

العنصر الثاني من خطبة الجمعة

ثانيًا: الهجرةُ النبويةُ والأخذُ بالأسبابِ.

لقد ضربَ لنَا النبيُّ أروعَ الأمثلةِ في الأخذِ بالأسبابِ، ففي الهجرةِ النبويةِ الشريفةِ خطّطَ النبيُّ خطةً متينةً محكمةً، فعلىٌّ – رضي اللهُ عنه- على فراشِه مغطيًا رأسَهُ، وبات المجرمون ينظرون مِن شقِّ البابِ، يتهافتون أيّهُم يضربُ صاحبَ الفراشِ بسيفِه، وعبدُاللهِ بنُ أبي بكرٍ كان يصبحُ مع قريشٍ فيسمعُ أخبارَهَا فإذا اختلطَ الظلامُ تسللَ إلى الغارِ وأخبرَ النبيَّ الخبرَ فإذا جاءَ السحرُ رجعَ مصبحًا بمكةَ، وكانت عائشةُ وأسماءُ يصنعان لهما الطعامَ ثم تنطلقُ أسماءُ بالسفرةِ إلى الغارِ ولمّا نسيتْ أنْ تربطَ السفرةَ شقتْ نطاقَها فربطتْ به السفرةَ وانتطقتْ بالآخرِ فسُميتْ بـ( ذاتِ النطاقين )، ولأبِي بكرٍ راعٍ اسمُه عامرُ بنُ فهيرةَ، كان يرعَى الغنمَ حتى يأتيهمَا في الغارِ فيشربانِ مِن اللبنِ، فإذا كان آخرُ الليلِ مرّ بالغنمِ على طريقِ عبدِاللهِ بنِ أبي بكرٍ عندما يعودُ إلى مكةَ ليُخفِي أثرَ أقدامِه، واستأجرَ رسولُ اللهِ رجلًا كافرًا اسمُه عبدُاللهِ بنُ أريقطٍ وكان هاديًّا ماهرًا بالطريقِ وواعدَهُ في غارِ ثورٍ بعدَ ثلاثِ ليالٍ، فتوزيعُ الأدوارِ جاءَ مخططًا وفقَ خطةٍ علميةٍ مدروسةٍ!!

 فالقائدُ: مُحمدٌ، والمساعدُ: أبو بكرِ، والفدائِي: عليٌّ، والتموينُ: أسماءُ، والاستخباراتُ: عبدُاللهِ، والتغطيةُ: عامرٌ، ودليلُ الرحلةِ: عبدُاللهِ بنُ أريقط، والمكانُ المؤقتُ: غارُ ثورٍ، وخطُّ السيرِ: الطريقُ الساحليُّ.

وهذا كلُّه شاهدٌ على حكمتِه ، وفيه دعوةٌ للأمةِ إلى أنْ تحذُو حذوَهُ في التخطيطِ والأخذِ بالأسبابِ.

إنّ اللهِ قادرٌ على حملِ نبيِّهِ ﷺ في غمامةٍ أو سحابةٍ أو يسخرُ له الريحَ – كما سخرَها لسيدِنَا سليمان – فتحملُه في طرفةِ عينٍ مِن مكةَ إلى المدينةِ، ولكن اللهَ يريدُ أنْ يعطينًا درسًا لا ننساهُ وهو التخطيطُ والأخذُ بالأسبابِ.

إنّك لو نظرتَ إلى الهجرةِ وسألتَ نفسَكَ سؤالًا: لماذا هاجرَ النبيُّ ﷺ سرَّا بينمَا هاجرَ عمرُ بنُ الخطابِ في وضحِ النهارِ؟! متحديًا قريشَ بأسرِهَا، وقال كلمتَه المشهورةَ التي سجلَهَا التاريخُ في صفحاتِ شرفِ وعزِّ المسلمين، وقال متحديًا لهم: “مَن أرادَ أنْ تثكلَه أمُّه وييتمَ ولدهُ وترملَ زوجتهُ فليلقنِي وراءَ هذا الوادِي” فلم يجرؤْ أحدٌ على الوقوفِ في وجهِه، فهل كان عمرُ بنُ الخطابِ أشجعَ مِن سيدِ الخلقِ مُحمدٍ ؟!

نقولُ لا: لأنّ النبيَّ كان أشجعَ الخلقِ على الإطلاقِ، ولكن أخذَ النبيُّ بأسبابِ النجاةِ مِن التخطيطِ والهجرةِ خفية، ليعطينَا درسًا بليغًا في الأخذِ بالأسبابِ مع الأملِ والثقةِ في اللهِ والتوكلِ عليهِ، أيعجزُ ربُّنَا أنْ يحملَ نبيَّهُ في سحابةٍ مِن مكةَ إلى المدينةِ في طرفةِ عينٍ كما في الإسراءِ والمعراجِ ؟!! 

ولم يقفْ أمرُ الأخذِ بالأسبابِ في حياةِ النبيِّ عندَ الهجرةِ فقط؛ بل أخذَ بالأسبابِ في غزواتِه وحروبِه كلِّهَا؛ ففي غزوةِ بدرٍ يأخذُ بالأسبابِ وينزلُ على مشورةِ الحبابِ بنِ المنذرِ، وفي الأحزابِ ينزلُ على مشورةِ سلمانِ الفارسِي بحفرِ الخندقِ، وغيرِ ذلك مِن الأمثلةِ التي لا يتسعُ المقامُ لذكرِهَا!!

فما أجملَ الأخذَ بالأسبابِ مع التوكلِ على اللهِ، فعن عمرَ رضي اللهُ عنه قال: قال  رسولُ اللهِ : ” لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرُزِقْتُمْ كَمَا يُرْزَقُ الطَّيْرُ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا ” [أخرجه الترمذي].

انظُر إلى السيدةِ مريمَ عليها السلامُ قال اللهُ فيها :{ فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا، فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا، وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا، فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا} (مريم:23- 26).

تأملتُ هذه الآيةَ وقلتُ: امرأةٌ جاءَها المخاضُ (طلقُ الولادةِ) ومع ذلك أمرَهَا اللهُ بهزِّ النخلةِ والأخذِ بالأسبابِ، مع أنّك لو جئتَ بعشرةِ رجالٍ أقوياءٍ ما استطاعُوا إلَّا رميًا بالحجارةِ، واللهُ قادرٌ على أنْ ينزلَ لها مائدةً عليها أشهَى المأكولاتِ، ولكنّ اللهَ أرادَ أنْ يعطينَا درسًا بليغًا في الأخذِ بالأسبابِ مع التوكلِ علي اللهِ تعالى.

تَوَكَّلْ على الرَّحْمن في كُلّ حالَة    * *    ولا تَتْرُكِ الخَلاَّقَ في كَثْرة الطَّلَبْ

أَلَمْ تَر أَنَّ الله قال لِمَريَم   * *     وهُزّى إِليكِ الجِذْعَ تَسَّاقَطِ الرُّطَبْ

ولو شاءَ أَنْ تَجْنِيه مِن غَير هَزّها  * *   جَنتْهُ ولكن كُلُّ أَمْرٍ له سَبَب

العنصر الثالث من خطبة الجمعة

ثالثًا: الأخذُ بالأسبابِ في حياتِنَا المعاصرةِ

إنّنا يجبُ علينا إحياءُ سنةِ الأخذِ بالأسبابِ في الحياةِ العمليةِ والكسبِ والاحترافِ، وهذا ما كان يغرسُه الرسولُ في نفوسِ أصحابِه حينما يتوجعُ أحدُهم أو يتمارضُ أو يركنُ إلى الخمولِ والكسلِ، دونَ الأخذِ بالأسبابِ، معتمدًا في ذلك على صدقاتِ المحسنين، مع قدرتِه على الكسبِ والعملِ، نرى الرسولَ وجهَّه إلى العملِ وحثَّه عليه، وأمرَه بالأخذِ بالأسبابِ، ومما يُروى في ذلكَ أنّ رجلًا مِن الأنصارِ أتى النبيَّ يسألُه، فقال: «أمَا في بيتِك شيءٌ؟» قال: بلى، حِلسٌ نلبسُ بعضَه، ونبسُطُ بعضَه، وقَعبٌ نَشربُ فيه الماءَ، قال: «ائتنِي بهما»، قالَ: فأتاه بهما، فأخذَهمَا رسولُ اللهِ بيدِه، وقالَ: «مِن يشترِي هذين؟» قالَ رجلٌ: أنا آخذهُما بدرهمٍ، قالَ: «مَن يزيدُ على درهمٍ؟» -مرتينِ أو ثلاثًا-، قالَ رجلٌ: أنا آخذهما بدرهمين، فأعطاهما إياه، وأخذَ الدرهمين، وأعطاهما الأنصاري وقالَ: «اشترِ بأحدهما طعامًا فأنبذهُ إلى أهلِك، واشترِ بالآخرِ قَدومًا فأتنٍي به»، فأتاهُ به، فشدَّ فيه عودًا بيدِه، ثم قالَ: «اذهبْ فاحتطِبْ وبعْ، ولا أرينَّكَ خمسةَ عشرَ يومًا»، فذهبَ الرجلُ يَحتطبُ ويبيعُ، فجاءَ وقد أصابَ عشرةَ دراهمٍ، فاشترى ببعضِهَا ثوبًا وببعضِهَا طعامًا، فقالَ رسولُ اللهِ :  «هذا خيرٌ لك مِن أنْ تجيءَ المسألةُ نكتةً في وجهِكَ يومَ القيامةِ، إنّ المسألةَ لا تصلحُ إلّا لثلاثةٍ، لذي فقرٍ مُدقِعٍ، أو لذي غُرمٍ مُفظِعٍ، أو لذي دَمٍ مُوجعٍ» (رواه أبو داودَ والترمذيِّ وحسنَّه).

 فالرسولُ لقنَ هذا الرجلَ درسًا لا ينساهُ، وبهذا سدّ الرسولُ بابًا مِن أبوابِ الكسلِ والتواكلِ، فلو أنّ الرسولَ أعطاهُ مِن الصدقةِ لفتحَ بذلك البابَ على مصراعيهِ للكسالى والمتواكلين، ولأصبحتُ هذه مهنتهُم كما هي مهنةُ الكثيرين في هذا العصرِ، وما يرى – مِن أمثالِ هؤلاء – في الموصلاتِ والشوارعِ والطرقاتِ لهو دليلٌ على ذلك، لهذا كلِّه حرّمَ الإسلامُ البطالةَ والكسلَ والركودَ لأنّ ذلك يؤدِّي إلى انحطاطٍ في جميعِ مجالاتِ الحياةِ، فإنّه يؤدِّي إلى هبوطِ الإنتاجِ، وتخلفِ الأمةِ، وانتشارِ الفوضَي، وكثرةِ المتواكلين، إضافةً إلى المذاقِ الغيرِ الطبيعِي للقمةِ العيشٍ وخاصةً إذا حصلَ عليها الكسولُ مِن عرقِ جبينِ غيرِه، فينبغِي على الفردِ أنْ يعملَ ليأكلَ مِن كسبِ يدِه لأنّه أفضلُ أنواعِ الكسبِ، فقد أخرجَ البخاريُّ عن المقدامِ بنِ معدِي كربٍ رضي اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: “ما أكل أحدٌ طعامًا قطّ خيرًا مِن أنْ يأكلَ مِن عملِ يدِه، وإنّ نبيَّ اللهِ داودَ كان يأكلُ مِن عملِ يدهِ”.

ولو لم يكنْ الإنسانُ في حاجةٍ للعملِ، لا هو ولا أسرته، لكان عليه أنْ يعملَ للمجتمعِ الذي يعيشُ فيه فإنّ المجتمعَ يعطيهِ، فلابُدّ أنْ يأخذَ منه، على قدرِ ما عنده. يُروى أنّ رجلًا مرّ على أبي الدرداءِ الصحابِي الزاهدِ – رضي اللهُ عنه- فوجدَهُ يغرسُ جوزةً، وهو في شيخوختِه وهرمِه، فقال له: أتغرسُ هذه الجوزةَ وأنت شيخٌ كبيرٌ، وهي لا تثمرُ إلّا بعدَ كذا وكذا عامًا ؟! فقال أبو الدرداء: وما عليَ أنْ يكونَ لي أجرهُا ويأكلُ منها غيري!!

وفي الختامِ أسوقُ لكم قصةً جميلةً عن سلفِنَا الصالحِ في الأخذِ بالأسبابِ وعدمِ الكسلِ والركودِ والاعتمادِ على صدقاتِ المحسنين: يروى أنّ شقيقًا البلخِي، ذهبَ في رحلةٍ تجاريةٍ، وقبلَ سفرهِ ودّعَ صديقَه إبراهيمَ بنَ أدهم حيثُ يتوقعُ أنْ يمكثَ في رحلتِه مدةً طويلةً، ولكنْ لم يمضِ إلّا أيامٌ قليلةٌ حتى عادَ شقيقٌ ورآه إبراهيمُ في المسجدِ، فقال له متعجبًا: ما الذي عجّلَ بعودتِك؟ قال شقيقُ: رأيتُ في سفري عجبًا، فعدلتُ عن الرحلةِ، قال إبراهيمُ: خيرًا ماذا رأيتَ؟ قال شقيقُ: أويتُ إلى مكانٍ خربٍ لأستريحَ فيه، فوجدتُ به طائرًا كسيحًا أعمَى، وعجبتُ وقلتُ في نفسِي: كيف يعيشُ هذا الطائرُ في هذا المكانِ النائِي، وهو لا يبصرُ ولا يتحركُ؟ ولم ألب إلّا قليلًا حتى أقبلَ طائرٌ آخر يحملُ له الطعامَ في اليومِ مراتٍ حتى يكتفِي، فقلتُ: إنّ الذي رزقَ هذا الطائرَ في هذا المكانِ قادرٌ على أنْ يرزقنِي، وعدتُ مِن ساعتِي، فقال إبراهيمُ: عجبًا لك يا شقيق، ولماذا رضيتَ لنفسِكَ أنْ تكونَ الطائرَ الأعمَى الكسيحَ الذي يعيشُ على معونةِ غيرِه، ولم ترضَ أنْ تكونَ الطائرَ الآخرَ الذي يسعَى على نفسِه وعلى غيرِه مِن العميانِ والمقعدين؟ أما علمتَ أنَّ اليدَ العليا خيرٌ مِن اليدِ السفلى؟ فقامَ شقيقٌ إلى إبراهيمَ وقبَّلَ يدَهُ، وقال: أنت أستاذُنَا يا أبا إسحاق، وعاد إلى تجارتِه!!

 هؤلاء قد فهمُوا الإسلامَ، عملًا وتعبًا، جهدًا وبذلًا، لم يفهمُوا الإسلامَ تقاعسًا ولا كسلًا، ولا دعةً ولا خمولًا، وذلك لأنَّ الإسلامَ رفعَ مِن شأنِ صاحبِ اليدِ العليا، ولا يريدُ لأتباعِه أنْ يكونُوا عالةً على غيرِهِم.

فعلينَا أنْ نأخذَ بالأسبابِ في حياتِنَا العمليةِ بكلِّ صورِهَا؛ وليكنْ شعارُنَا كما قالَ أحدُهم: ينبغي أنْ نأخذَ بالأسبابِ وكأنّها كلُّ شيءٍ، ثم نتوكلُ على اللهِ وكأنّها ليستْ بشيءٍ.

نسألُ اللهَ أنْ  يصبَّ علينا الخيرَ صبًّا؛ وأنْ لا يجعلَ عيشنَا كدًّا، وأنّ يحفظَ مصرنَا مِن كلِّ مكروهٍ وسوءٍ .

    الدعاء،،،،،،،                 وأقم الصلاة،،،،،                 كتبه : خادم الدعوة الإسلامية

د / خالد بدير بدوي

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »
error: Content is protected !!